تمهيد

أضع هذا الكتاب بين يدي القارئ الكريم؛ يضمّ سلسلة من المقالات والمواقف والرؤى التي تهمّ المواطن والمجتمع، وتتناول مشكلات جدّية قائمة، ومشاريع مستقبلية يحتاجها الوطن، لأداء رسالتنا الإنسانية السامية، ولتحقيق طموحنا وتطلّعاتنا لمواكبة العصر المتغير بوتيرة سريعة . وقد كتبتُ تلك المقالات خلال فترة زمنية امتدّتْ لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن بصفتي مواطناً متابعا ومهتمّاً بمختلف الأحداث والتحوّلات التي عصفتْ بالعالم، وتأثّرتْ بها مملكتنا الغالية كأمة فاعلة وذات قرار راجح في المحيط العربي والإسلامي والدولي، وكنت أراقب ما يدور في العالم من حولنا، وأستغرق في التأمّل والتفكير والبحث في تجارب البلدان التي سبقتْ في صناعة الحلول الناجعة للخروج من أزماتها، وغالباً ما أرى بقعة ضوء تتسلّل من نوافذ الأمل. معها.
وإذ شرّفني الله تعالى بثقة القيادة الحكيمة، فأُسْنِدتْ إليّ بعض المهام الرسمية، وجدتْ نفسي شاهداً قريباً من قيادتنا أيّدها الله، فكنتُ حاضراً في مؤتمرات وندوات دولية وإقليمية، ومشاركاً في فعاليات وأنشطة ومبادرات رسمية وشعبية، فرأيتُ فصول الحِكمة والعزيمة والإيمان والبذل عن كثب، و استشعرتُ حجم الأمل والرخاء والأمان الذي ينتظر الأجيال حاضراً ومستقبلاً ، رغم التحديات و المتغيرات المحيطة بنا . ووجدتُ لِزاماً عليّ أنْ أُدوّن ما يُسهم بدفع مسيرة العلم والمعرفة، وبثّ الوعي والقِيَم، وشحذ الهمم والطموح، و يوثق المواقف ضمن حدود مهامي ومعرفتي لتحقيق النهضة الوطنية المستدامة، التي يتمناها كل مواطن يسعى للارتقاء بأمتنا إلى مكانتها السامية الرفيعة التي منَّ الله بها عليها، وشرّفها بها منذ فجر الإسلام. وتلك الفترة التي مضتْ لم تكن بالنسبة لي ربيعاً مطلقاً بمجرياتها، وإنما تخلّلتها هبّات خريفية ساخنة مسّتْ شِغاف قلبي فتركت عليه نُدباً لا تُمْحى، فقد افتقدتُ والوطن أمهات صالحات ورجالاً عظام مخلصين شامخين كالجبال ، وإخوة وزملاء أوفياء ناصحين، وكان مصابي بهم جللاً والخطب مؤلماً. وأمام كلّ هذه الأحداث بحلوها ومرّها، لم يطاوعني قلمي وأكتفي بالمشاركة والعمل والترحال، وإنما شدني للكتابة حول ما أرى وأسمع وأتمنّى وأطمح، فوافقته فكتبتُ عشرات المقالات التي نشرتها في مختلف الصحف السعودية في وقتها.أتمنى أن يلامس محتوى الكتاب في نفس القارئ ما لامسه في نفسي من ملامح فكر و تجارب قد يتفق أو يختلف معها